کد مطلب:90504 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:456

خطبة له علیه السلام (17)-و تسمّی الغرّاء















و هی من الخطب العجیبة ألقاها لمّا شیّع جنازة فلمّا وضعت فی لحدها عجّ أهلها و بكوا فقال علیه السلام:

أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ عَایَنُوا مَا عَایَنَ مَیِّتُهُمْ لأَذْهَلَتْهُمْ مُعَایَنَتُهُمْ عَنْ مَیِّتِهِمْ. وَ إِنَّ لَهُ فیهِمْ لَعَوْدَةٌ ثُمَّ عَوْدَةٌ حَتَّی لاَ یَبْقی مِنْهُمْ أَحَدٌ[1].

ثم قال:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذی لاَ یَحْویهِ مَكَانٌ، وَ لاَ یَحُدُّهُ زَمَانٌ[2]. عَلاَ بِحَوْلِهِ، وَ دَنَا بِطَوْلِهِ. مَانِحُ كُلِّ غَنیمَةٍ وَ فَضْلٍ، وَ كَاشِفُ كُلِّ عَظیمَةٍ وَ أَزْلٍ.

أَحْمَدُهُ عَلی عَوَاطِفِ[3] كَرَمِهِ، وَ سَوَابِغِ[4] نِعَمِهِ، وَ أُؤْمِنُ بِهِ أَوَّلاً بَادِیاً، وَ أَسْتَهْدیِهِ قَریباً هَادِیاً،

وَ أَسْتَعینُهُ قَاهِراً قَادِراً[5] إِیمَاناً[6]، وَ أَتَوَكَّلُ عَلَیْهِ كَافِیاً نَاصِراً إیقَاناً[7].

وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَریكَ لَهُ.

[صفحه 216]

اَلأَوَّلُ لاَ شَیْ ءَ قَبْلَهُ، وَ الآخِرُ لاَ غَایَةَ لَهُ.

لاَ تَقَعُ الأَوْهَامُ لَهُ عَلی صِفَةٍ، وَ لاَ تُعْقَدُ[8] الْقُلُوبُ مِنْهُ عَلی كَیْفِیَّةٍ، وَ لاَ تَنَالُهُ التَّجْزِئَةُ وَ التَّبْعیضُ،

وَ لاَ تُحیطُ بِهِ الأَبْصَارُ وَ الْقُلُوبُ.

رَفَعَ السَّمَاءَ فَبَنَاهَا، وَ سَطَحَ الأَرْضَ فَطَحَاهَا، وَ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَ مَرْعَاهَا وَ الْجِبَالَ أَرْسَاهَا[9]، لاَ یَؤُودُهُ خَلْقٌ وَ هُوَ الْعَلِیُّ الْعَظیمُ[10].

وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالْهُدَی الْمَشْهُورِ،

وَ الْكِتَابِ الْمَسْطُورِ، وَ الدِّینِ الْمَأْثُورِ[11]، لإِنْفَاذِ أَمْرِهِ، وَ إِنْهَاءِ عُذْرِهِ، وَ تَقْدیمِ نُذُرِهِ، فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَ هَدی مِنَ الضَّلاَلَةِ، وَ عَبَدَ رَبَّهُ، حَتَّی أَتَاهُ الْیَقینُ. فَصَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ كَثیراً[12].

أُوصیكُمْ، عِبَادَ اللَّهِ، بِتَقْوَی اللَّهِ الَّذی ضَرَبَ لَكُمُ الأَمْثَالَ، وَ وَقَّتَ لَكُمُ الآجَالَ، وَ جَعَلَ لَكُمْ أَسْمَاعاً لِتَعِیَ مَا عَنَاهَا، وَ أَبْصَاراً لِتَجْلُوَ عَنْ عَشَاهَا، وَ أَفْئِدَةً لِتَفْهَمَ مَا دَهَاهَا[13]، وَ أَشْلاَءً جَامِعَةً لأَعْضَائِهَا، مُلاَئِمَةً لأَحْنَائِهَا، فی تَرْكیبِ صُوَرِهَا، وَ مُدَدِ عُمُرِهَا.

وَ أَلْبَسَكُمُ الرِّیَاشَ، وَ أَرْفَغَ لَكُمُ[14] الْمَعَاشَ، وَ أَحَاطَ بِكُمُ الاِحْصَاءَ[15]، وَ أَرْصَدَ[16] لَكُمُ الْجَزَاءَ.

فَاتَّقُوا اللَّهَ، عِبَادَ اللَّهِ، وَ بَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ، وَ ابْتَاعُوا مَا یَبْقی لَكُمْ بِمَا یَزُولُ عَنْكُمْ.

[ وَ ] امْلِكُوا أَنْفُسَكُمْ بِدَوَامِ جِهَادِهَا، وَ اعْتَصِمُوا[17] بِالذِّمَمِ فی أَوْتَادِهَا.

[صفحه 217]

وَ تَرَحَّلُوا عَنِ الدُّنْیَا[18] فَقَدْ جُدَّ بِكُمْ، وَ اسْتَعِدُّوا لِلْمَوْتِ فَقَدْ أَظَلَّكُمْ.

وَ كُونُوا قَوْماً صیحَ بِهِمْ فَانْتَبَهُوا، وَ عَلِمُوا أَنَّ الدُّنْیَا لَیْسَتْ لَهُمْ بِدَارٍ فَاسْتَبْدَلُوا، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ یَخْلُقْكُمْ عَبَثاً، وَ لَمْ یَتْرُكْكُمْ[19] سُدیً، وَ لَمْ یَضْرِبْ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً، بَلْ[20] آثَرَكُمْ بِالنِّعَمِ السَّوَابِغِ، وَ الآلاَءِ السَّوَائِغِ، وَ أَرْفَدَكُمْ بِ[21] الرُّفَدِ الرَّوَافِغِ، وَ أَنْذَرَكُمْ بِالْحُجَجِ الْبَوَالِغِ،

وَ أَحْصَاكُمْ[22] عَدَداً، وَ وَظَّفَ لَكُمْ مُدَداً، فی قَرَارِ خِبْرَةٍ، وَ دَارِ عِبْرَةٍ، أَنْتُمْ مُخْتَبَرُونَ فیهَا، وَ مُحَاسَبُونَ عَلَیْهَا.

وَ مَا بَیْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَیْنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ إِلاَّ الْمَوْتُ أَنْ یَنْزِلَ بِهِ.

وَ إِنَّ غَایَةً تَنْقُصُهَا اللَّحْظَةُ، وَ تَهْدِمُهَا السَّاعَةُ، لَجَدیرَةٌ[23] بِقِصَرِ الْمُدَّةِ.

وَ إِنَّ غَائِباً یَحْدُوهُ الْجَدیدَانِ، اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ، لَحَریٌّ بِسُرْعَةِ الأَوْبَةِ.

وَ إِنَّ قَادِماً یَقْدُمُ بِالْفَوْزِ أَوِ الشِّقْوَةِ، لَمُسْتَحِقٌّ لأَفْضَلِ الْعُدَّةِ.

فَتَزَوَّدُوا فِی الدُّنْیَا مِنَ الدُّنْیَا مَا تُحْرِزُونَ بِهِ أَنْفُسَكُمْ[24] غَداً، وَ خُذُوا مِنَ الْفَنَاءِ لِلْبَقَاءِ.

وَ اعْلَمُوا، أَیُّهَا النَّاسُ، أَنَّكُمْ سَیَّارَةٌ قَدْ حَدَا بِكُمُ الْحَادی، وَ حَدَا لِخَرَابِ الدُّنْیَا حَادٍ، وَ نَادَاكُمْ لِلْمَوْتِ مُنَادٍ، فَلاَ تَغُرَّنَّكُمْ الْحَیَاةُ الدُّنْیَا وَ لاَ یَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ[25].

فَلَوْ أَنَّ أَحَداً یَجِدُ إِلَی الْبَقَاءِ سُلَّماً، أَوْ لِدَفْعِ الْمَوْتِ سَبیلاً، لَكَانَ ذَلِكَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَیْهِمَا السَّلاَمُ، الَّذی سُخِّرَ لَهُ مُلْكُ الْجِنِّ وَ الإِنْسِ مَعَ النُّبُوَّةِ وَ عَظیمِ الزُّلْفَةِ.

[صفحه 218]

فَلَمَّا اسْتَوْفی طُعْمَتَهُ، وَ اسْتَكْمَلَ مُدَّتَهُ، رَمَتْهُ قِسِیُّ الْفَنَاءِ بِنِبَالِ الْمَوْتِ، وَ أَصْبَحَتِ الدِّیَارُ مِنْهُ خَالِیَةً، وَ الْمَسَاكِنُ مُعَطَّلَةً، وَ وَرِثَهَا قَوْمٌ آخَرُونَ.

أَلاَ وَ إِنَّ الدُّنْیَا دَارٌ غَرَّارَةٌ خَدَّاعَةٌ، تَنْكِحُ فی كُلِّ یَوْمٍ بَعْلاً، وَ تَقْتُلُ فی كُلِّ لَیْلَةٍ أَهْلاً، وَ تُفَرِّقُ فی كُلِّ سَاعَةٍ شَمْلاً.

فَكَمْ مِن مُنَافِسٍ فیهَا وَرَاكِنٍ إِلَیْهَا مِنَ الأُمَمِ السَّالِفَةِ قَدْ قَذَفَتْهُمْ فِی الْهَاوِیَةِ، وَ دَمَّرَتْهُمْ تَدْمیراً،

وَ تَبَّرَتْهُمْ تَتْبیراً، وَ أَصْلَتْهُمْ سَعیراً؟[26].

فَلْتَكُنِ الدُّنْیَا فی أَعْیُنِكُمْ أَصْغَرَ[27] مِنْ حُثَالَةِ الْقَرَظِ، وَ قُرَاضَةِ الْجَلَمِ.

وَ اتَّعِظُوا بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ قَبْلَ أَنْ یَتَّعِظَ بِكُمْ مَنْ كَانَ بَعْدَكُمْ، وَ ارْفُضُوهَا ذَمیمَةً، فَإِنَّهَا قَدْ رَفَضَتْ مَنْ كَانَ أَشْغَفَ بِهَا مِنْكُمْ.

وَ إِنَّ لَكُمْ فِی الْقُرُونِ السَّالِفَةِ[28] لَعِبْرَةً.

أَیْنَ مَنْ جَمَعَ فَأَوْعی، وَ شَدَّ فَأَوْكی، وَ مَنَعَ فَأَكْدی؟.

أَیْنَ مَنْ سَعی وَ اجْتَهَدَ، وَ فَرَشَ وَ مَهَّدَ، وَ أَعَدَّ وَ احْتَشَدَ؟.

أَیْنَ مَنْ بَنَی الدُّورَ، وَ شَرَّفَ الْقُصُورَ، وَ جَمْهَرَ[29] الأُلُوفَ؟[30].

أَیْنَ الْعَمَالِقَةُ وَ أَبْنَاءُ الْعَمَالِقَةِ؟.

أَیْنَ الْفَرَاعِنَةُ وَ أَبْنَاءُ الْفَرَاعِنَةِ؟.

أَیْنَ الْجَبَابِرَةُ وَ أَبْنَاءُ الْجَبَابِرَةِ؟[31].

أَیْنَ أَصْحَابُ مَدَائِنِ الرَّسِّ، الَّذینَ قَتَلُوا النَّبِیّینَ، وَ أَطْفَؤُوا سُنَنَ[32] الْمُرْسَلینَ، وَ أَحْیَوْا سِیَرَ

[صفحه 219]

الْجَبَّارینَ؟.

أَیْنَ الَّذینَ سَارُوا بِالْجُیُوشِ، وَ هَزَمُوا الأُلُوفَ، وَ عَسْكَرُوا الْعَسَاكِرَ، وَ دَسْكَرُ [ وا ] الدَّسَاكِرَ،

وَ رَكِبُ [ وا ] الْمَنَابِرَ.

أَیْنَ الَّذینَ شَیَّدُوا الْمَمَالِكَ،[33] وَ مَهَّدُوا الْمَسَالِكَ، وَ أَغَاثُوا الْمَلْهُوفَ، وَ قَرَوُا الضُّیُوفَ.

أَیْنَ الَّذینَ قَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً[34] وَ أَكْثَرُ جَمْعاً؟.

أَیْنَ الَّذینَ كَانُوا أَحْسَنَ آثاراً، وَ أَعْدَلَ أَفْعَالاً، وَ أَكْنَفَ مُلْكاً؟.

أَیْنَ الَّذینَ مَلَكُوا مِنَ الدُّنْیَا أَقَاصیهَا؟.

أَیْنَ الَّذینَ اسْتَذَلُّوا الأَعْدَاءَ، وَ مَلَكُوا نَوَاصیهَا؟.

أَیْنَ الَّذینَ دَانَتْ لَهُمُ الأُمَمُ؟.

أَیْنَ الَّذینَ بَلَغُوا مِنَ الدُّنْیَا أَقَاصِیَ الْهِمَمَ؟.

قَدْ تَدَاوَلَتْهُمْ أَیَّاماً، وَ ابْتَلَعَتْهُمْ أَعْوَاماً، فَصَارُوا أَمْوَاتاً، وَ فِی الْقُبُورِ رُفَاتاً.

قَدْ یَئِسُوا عَمَّا خَلَّفُوا، وَ وَقَفُوا عَلی مَا أَسْلَفُوا، ثُمَّ رُدُّوا إِلَی اللَّهِ مَوْلاَهُمْ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبینَ[35].

وَ كَأَنّی بِهَا وَ قَدْ أَشْرَفَتْ بِطَلاَئِعِهَا، وَ عَسْكَرَتْ بِفَظَائِعِهَا، فَأَصْبَحَ الْمَرْءُ بَعْدَ صِحَّتِهِ مَریضاً،

وَ بَعْدَ سَلاَمَتِهِ نَقیصاً، یُعَالِجُ كَرَباً، وَ یُقَاسی تَعَباً، فی حَشْرَجَةِ السِّیَاقِ[36]، وَ تَتَابُعِ الْفَوَاقِ، وَ تَرَدُّدِ الأَنینِ، وَ الذُّهُولِ عَنِ الْبَنَاتِ وَ الْبَنینَ، وَ الْمَرْءُ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَیْهِ شُغْلٌ شَاغِلٌ، وَ هَوْلٌ هَائِلٌ.

قَدِ اعْتُقِلَ مِنْهُ اللِّسَانُ، وَ تَرَدَّدَ مِنْهُ الْبَنَانُ، فَأَجَابَ مَكْرُوباً، وَ فَارَقَ الدُّنْیَا مَسْلُوباً.

لاَ یَمْلِكُونَ لَهُ نَفْعاً، وَ لاَ لِمَا حَلَّ بِهِ دَفْعاً، یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فی كِتَابِهِ: فَلَوْ لاَ إِنْ كُنْتُمْ غَیْرَ مَدینینَ تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقینَ[37].

[صفحه 220]

فَ اتَّقُوا اللَّهَ، عِبَادَ اللَّهِ[38]، تَقِیَّةَ مَنْ شَمَّرَ تَجْریداً، وَ جَدَّ تَشْمیراً، وَ أَكْمَشَ[39] فی مَهَلٍ، وَ بَادَرَ عَنْ وَجَلٍ، وَ نَظَرَ فی كَرَّةِ الْمَوْئِلِ، وَ عَاقِبَةِ الْمَصْدَرِ، وَ مَغَبَّةِ الْمَرْجِعِ.

وَ جِدُّوا فِی الطَّلَبِ، وَ نَجَاةِ الْمَهْرَبِ، وَ بَادِرُوا فِی الْعَمَلِ قَبْلَ مَقْطَعِ النَّهَمَاتِ، وَ قُدُومِ هَادِمِ اللَّذَّاتِ،

وَ مُفَرِّقِ الْجَمَاعَاتِ[40].

فَإِنَّ الدُّنْیَا أَقْرَبُ دَارٍ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، وَ أَبْعَدُهَا مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ یَدُومُ نَعیمُهَا، وَ لاَ یُؤْمَنُ فَجْعَاتُهَا، وَ لاَ یُتَوَقَّی سَوْآتُهَا[41].

رَنِقٌ مَشْرَبُهَا، رَدِغٌ مَشْرَعُهَا، یُونِقُ مَنْظَرُهَا، وَ یُوبِقُ مَخْبَرُهَا.

غُرُورٌ حَائِلٌ، وَ شَبَحٌ فَائِلٌ[42]، وَ ضَوْءٌ آفِلٌ، وَ ظِلٌّ زَائِلٌ، وَ سِنَادٌ مَائِلٌ.

تَصِلُ الْعَطِیَّةَ بِالرَّزِیَّةِ، وَ الأُمْنِیَّةَ بِالْمَنِیَّةِ.

تُضْنی مُسْتَطْرِفَهَا، وَ تُرْدی مُسْتَزیدَهَا، وَ تُحَفِّلُ مَصْرَعَهَا، وَ تُصَرِّمُ حِبَالَهَا[43].

حَتَّی إِذَا أَنِسَ نَافِرُهَا، وَ اطْمَأَنَّ نَاكِرُهَا، قَمَصَتْ بِأَرْجُلِهَا[44]، وَ قَنَصَتْ بِأَحْبُلِهَا، وَ أَقْصَدَتْ بِأَسْهُمِهَا، وَ أَعْلَقَتِ الْمَرْءَ أَوْهَاقُ الْمَنِیَّةِ، قَائِدَةٌ لَهُ إِلی ضَنْكِ الْمَضْجِعِ، وَ وَحْشَةِ الْمَرْجِعِ، وَ مُعَایَنَةِ الْمَحَلِّ، وَ ثَوَابِ الْعَمَلِ.

وَ كَذَلِكَ الْخَلَفُ یَعْقُبُ[45] السَّلَفَ، فَعَلی أَیٍّ یَتْبَعُ؟[46].

[صفحه 221]

لاَ تُقْلِعُ الْمَنِیَّةُ اخْتِرَاماً، وَ لاَ یَرْعَوِی الْبَاقُونَ اجْتِرَاماً، یَحْتَذُونَ مِثَالاً، وَ یَمْضُونَ أَرْسَالاً، إِلی غَایَةِ الاِنْتِهَاءِ، وَ صَیُّورِ الْفَنَاءِ.

حَتَّی إِذَا تَصَرَّمَتِ الأُمُورُ، وَ تَقَضَّتِ الدُّهُورُ، وَ أَزِفَ النُّشُورُ، أَخْرَجَهُمْ اللَّهُ مِنْ ضَرَائِحِ الْقُبُورِ،

وَ أَوْكَارِ الطُّیُورِ، وَ أَوْجِرَةِ السِّبَاعِ، وَ مَطَارِحِ الْمَهَالِكِ، سِرَاعاً إِلی أَمْرِهِ، مُهْطِعینَ إِلی مَعَادِهِ، رَعیلاً صُمُوتاً، قِیَاماً صُفُوفاً، یَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، وَ یُسْمِعُهُمُ الدَّاعی، عَلَیْهِمْ لَبُوسُ الاِسْتِكَانَةِ، وَ ضَرْعُ الاِسْتِسْلاَمِ وَ الذِّلَةِ.

قَدْ ضَلَّتِ الْحِیَلُ، وَ انْقَطَعَ الأَمَلُ، وَ هَوَتِ الأَفْئِدَةُ كَاظِمَةً، وَ خَشَعَتِ الأَصْوَاتُ مُهَیْنِمَةً، وَ أَلْجَمَ الْعَرَقُ[47]، وَ عَظُمَ الشَّفَقُ، وَ أُرْعِدَتِ الأَسْمَاعُ لِزَبْرَةِ الدَّاعی إِلی فَصْلِ الْخِطَابِ، وَ مُقَابَضَةِ[48] الْجَزَاءِ،

وَ نَكَالِ الْعِقَابِ، وَ نَوَالِ الثَّوَابِ، وَ أَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَ وُضِعَ الْكِتَابُ وَ جی ءَ بِالنَّبِیّینَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ قُضِیَ بَیْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لاَ یُظْلَمُونَ[49].

وَ نَادَی الْمُنَادی مِنْ مَكَانٍ قَریبٍ، فَارْتَجَّتِ الأَرْضُ لِنِدَاءِ الْمُنَادی، وَ كُشِفَ عَنْ سَاقٍ، وَ كَانَ یَوْمُ التَّلاَقِ.

وَ كُوِّرَتِ الشَّمْسُ، وَ حُشِرَتِ الْوُحُوشُ، وَ زُوِّجَتِ النُّفُوسُ، وَ بَدَتِ الأَسْرَارُ، وَ ارْتَجَّتِ الأَفْئِدَةُ، وَ نَزَلَ بِأَهْلِ النَّارِ مِنَ اللَّهِ سَطْوَةٌ مُجیحَةٌ وَ عُقُوبَةٌ مُنیحَةٌ، فَجَثَوْا حَوْلَ جَهَنَّمَ وَ لَهَا كَلَبٌ وَ لَجَبٌ، وَ تَغَیُّظٌ وَ وَعیدٌ وَ زَفیرٌ وَ رَعیدٌ، قَدْ تَأَجَّجَ جَحیمُهَا، وَ غَلاَ حَمیمُهَا، وَ تَوَقَّدَ سَمُومُهَا.

لاَ یَهْرَمُ خَالِدُهَا، وَ لاَ یَظْعَنُ مُقیمُهَا، وَ لاَ یُنَفَّسُ عَنْ سَاكِنِهَا، وَ لاَ یَنْقَطِعُ عَنْهُمْ حَسَرَاتُهَا، وَ لاَ تُفْصَمُ كُبُولُهَا.

مَعَهُمْ مَلاَئِكَةُ الزَّجْرِ، یُبَشِّرُونَهُمْ بِنُزُلٍ مِنْ حَمیمٍ، وَ تَصْلِیَةِ جَحیمٍ.

وَ هُمْ عَنِ اللَّهِ مَحْجُوبُونَ، وَ لأَوْلِیَائِهِ مُفَارِقُونَ، وَ إِلَی النَّارِ مُنْطَلِقُونَ.

حَتَّی إِذَا أَتَوْا جَهَنَّمَ قَالُوا: مَا لَنَا مِنْ شَافِعینَ وَ لاَ صَدیقٍ حَمیمٍ فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنینَ[50].

[صفحه 222]

فَقیلَ لَهُمْ: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ[51].

وَ جَهَنَّمُ تُنَادِیهِمْ، وَ هِیَ مُشْرِفَةٌ عَلَیْهِمْ: إِلَیَّ بِأَهْلی، وَ عِزَّةِ رَبّی، لأَنْتَقِمَنَّ الْیَوْمَ مِنْ أَعْدَائِهِ.

ثُمَّ یُنَادیهِمْ مَلَكٌ مِنَ الزَّبَانِیَةِ، ثُمَّ یَسْحَبُهُمْ حَتَّی یُلْقیهِمْ فِی النَّارِ عَلی وُجُوهِهِمْ، ثُمَّ یَقُولُ لَهُمْ:

ذُوقُوا عَذَابَ الْحَریقِ[52].

ثُمَّ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقینَ، مُخْضَرَّةً[53] لِلنَّاظِینَ، فیهَا[54] دَرَجَاتٌ مُتَفَاضِلاَتٌ، وَ مَنَازِلُ مُتَفَاوِتَاتٍ.

لاَ یَنْقَطِعُ نَعیمُهَا، وَ لاَ یَظْعَنُ مُقیمُهَا، وَ لاَ یَهْرَمُ خَالِدُهَا، وَ لاَ یَبْأَسُ[55] سَاكِنُهَا.

أَمِنُوا الْمَوْتَ فَصَفَا لَهُمْ مَا فیهَا.

فیهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَیْرِ آسِنٍ وَ أَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ یَتَغَیَّرْ طَعْمُهُ وَ أَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبینَ وَ أَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّیً[56].

مَعَ أَزْوَاجٍ مُطَهَّرَةٍ، وَ حُورٍ عینٍ كَأَنَّهُنَّ الْیَاقُوتُ وَ الْمَرْجَانُ[57].

وَ یَطُوفُ عَلَیْهِمْ وِلْدَانٌ بِحُلْیَةٍ وَ آنِیَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَ لِبَاسِ السُّنْدُسِ الأَخْضَرِ، وَ الْفَوَاكِهِ الدَّائِمَةِ.

وَ تَدْخُلُ عَلَیْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ فَتَقُولُ: سَلاَمٌ عَلَیْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَی الدَّارِ[58].

فَلاَ تَزَالُ الْكَرَامَةُ لَهُمْ حینَ وَفَدُوا إِلی خَالِقِهِمْ، وَ قَعَدُوا فی دَارِهِ، وَ نَالَهُمْ سَلاَمٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحیمِ[59].

فَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ یَجْعَلَنَا وَ إِیَّاكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ الَّذینَ خُلِقُوا لَهَا وَ خُلِقَتْ لَهُمْ.

[صفحه 223]

عِبَادَ اللَّهِ، اتَّقُوا اللَّهَ تَقِیَّةَ مَنْ كَنَعَ فَخَنَعَ، وَ وَجِلَ فَرَحَلَ، وَ حَذِرَ فَأَبْصَرَ فَازْدَجَرَ، فَاحْتَثَّ طَلَباً،

وَ نَجَا هَرَباً، وَ قَدَّمَ لِلْمَعَادِ، وَ اسْتَظْهَرَ مِنَ الزَّادِ[60].

وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَیْسَ لِهذَا الْجِلْدِ الرَّقیقِ صَبْرٌ عَلَی النَّارِ، فَارْحَمُوا نُفُوسَكُمْ، فَإِنَّكُمْ قَدْ جَرَّبْتُمُوهَا فی مَصَائِبِ الدُّنْیَا، فَرَأَیْتُمْ جَزَعَ أَحَدِكُمْ مِنَ الشَّوْكَةِ تُصیبُهُ، وَ الْعَثْرَةِ تُدْمیهِ، وَ الرَّمْضَاءِ تُحْرِقُهُ، فَكَیْفَ إِذَا كَانَ بَیْنَ طَابَقَیْنِ مِنْ نَارٍ، ضَجیعَ حَجَرٍ، وَ قَرینَ شَیْطَانٍ.

أَعَلِمْتُمْ أَنَّ مَالِكاً إِذَا غَضِبَ عَلَی النَّارِ حَطَمَ بَعْضُهَا بَعْضاً لِغَضَبِهِ، وَ إِذَا زَجَرَهَا تَوَثَّبَتْ بَیْنَ أَبْوَابِهَا جَزَعاً مِنْ زَجْرَتِهِ.

أَیُّهَا الْیَفَنُ الْكَبیرُ، الَّذی قَدْ لَهَزَهُ الْقَتیرُ، كَیْفَ أَنْتَ إِذَا الْتَحَمَتْ أَطْوَاقُ النَّارِ بِعِظَامِ الأَعْنَاقِ،

وَ نَشِبَتِ الْجَوَامِعُ حَتَّی أَكَلَتْ لُحُومَ السَّوَاعِدِ.

فَاللَّهَ اللَّهَ، مَعَاشِرَ الْعِبَادِ، اغْتَنِمُوا[61] وَ أَنْتُمْ سَالِمُونَ، أَیَّامَ[62] الصَّحَّةِ قَبْلَ السَّقَمِ، وَ أَیَّامَ الشَّبیبَةِ قَبْلَ الْهَرَمِ[63]، وَ فِی الْفُسْحَةِ قَبْلَ الضّیقِ، وَ بَادِرُوا بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ النَّدَمِ.

وَ لاَ یَحْمِلَنَّكُمُ الْمُهْلَةُ عَلی طُولِ الْغَفْلَةِ، فَإِنَّ الأَجَلَ یَهْدِمُ الأَمَلَ، وَ الأَیَّامُ مُوكَلَةٌ بِتَنْقیصِ الْمُدَّةِ،

وَ تَفْریقِ الأَحِبَّةِ.

فَبَادِرُوا، رَحِمَكُمُ اللَّهِ، بِالتَوْبَةِ قَبْلَ حُضُورِ النَّوْبَةِ، وَ بُرُوزِ اللُّعْبَةِ، الَّتی لاَ یُنْتَظَرُ مَعَهُ الأَوْبَةُ،

وَ اسْتَعینُوا عَلی بُعْدِ الْمَسَافَةِ بِطُولِ الْمَخَافَةِ.

فَكَمْ مِنْ غَافِلٍ وَثِقَ لِغَفْلَتِهِ، وَ تَعَلَّلَ بِمُهْلَتِهِ، فَأَمَّلَ بَعیداً، وَ بَنی مَشیداً، فَنَقَصَ بِقُرْبِ أَجَلِهِ بُعْدُ أَمَلِهِ، وَ فَاجَأَتْهُ مَنِیَّتُهُ بِانْقِطَاعِ أُمْنِیَّتِهِ، فَصَارَ بَعْدَ الْعِزَّةِ وَ الْمَنْعَةِ، وَ الشَّرَفِ وَ الرِّفْعَةِ، مُرْتَهَناً بِمُوبِقَاتِ عَمَلِهِ.

قَدْ غَابَ فَمَا رَجَعَ، وَ نَدِمِ فَمَا انْتَفَعَ، وَ شَقِیَ بِمَا جَمَعَ فی یَوْمِهِ، وَ سَعِدَ بِهِ غَیْرُهُ فی غَدِهِ، وَ بَقِیَ مُرْتَهَناً بِكَسْبِ یَدِهِ، ذَاهِلاً عَنْ أَهْلِهِ وَ وَلَدِهِ.

[صفحه 224]

لاَ یُغْنی عَنْهُ مَا تَرَكَ فَتیلاً، وَ لاَ یَجِدُ إِلی مَنَاصٍ سَبیلاً[64].

فَاسْعَوْا فی فَكَاكِ رِقَابِكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُغْلَقَ رَهَائِنُهَا.

أَسْهِرُوا عُیُونَكُمْ، وَ أَضْمِرُوا بُطُونَكُمْ، وَ اسْتَعْمِلُوا أَقْدَامَكُمْ، وَ أَنْفِقُوا أَمْوَالَكُمْ، وَ خُذُوا مِنْ أَجْسَادِكُمْ فَجُودُوا[65] بِهَا عَلی أَنْفُسِكُمْ، وَ لاَ تَبْخَلُوا بِهَا عَنْهَا، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ یَنْصُرْكُمْ وَ یُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ[66].

وَ قَالَ تَعَالی: مَنْ ذَا الَّذی یُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَیُضَاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَریمٌ[67].

فَلَمْ یَسْتَنْصِرْكُمْ مِنْ ذُلٍّ، وَ لَمْ یَسْتَقْرِضْكُمْ مِنْ قُلٍّ.

إِسْتَنْصَرَكُمْ وَ لَهُ جُنُودُ السَّموَاتِ وَ الأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزیزُ الْحَكیمُ، وَ اسْتَقْرَضَكُمْ وَ لَهُ خَزَائِنُ السَّموَاتِ وَ الأَرْضِ وَ هُوَ الْغَنِیُّ الْحَمیدُ.

وَ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ یَبْلُوَكُمْ أَیُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً[68].

فَبَادِرُوا بِأَعْمَالِكُمْ تَكُونُوا مَعَ جیرَانِ اللَّهِ فی دَارِهِ، رَافَقَ بِهِمْ رُسُلَهُ، وَ أَزَارَهُمْ مَلاَئِكَتَهُ، وَ أَكْرَمَ أَسْمَاعَهُمْ عَنْ أَنْ تَسْمَعَ حَسیسَ نَارٍ أَبَداً، وَ صَانَ أَجْسَادَهُمْ أَنْ تَلْقی لُغُوباً وَ نَصَباً، ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ یُؤْتیهِ مَنْ یَشَاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظیمِ[69].

فَاتَّعِظُوَا، عِبَادَ اللَّهِ، بِالْعِبَرِ النَّوَافِعِ، وَ اعْتَبِرُوا بِالآیِ السَّوَاطِعِ، وَ ازْدَجِرُوا بِالنُّذُرِ الْبَوَالِغِ،

وَ انْتَفِعُوا بِالذِّكْرِ وَ الْمَوَاعِظِ، [ فَ ] إِنَّكُمْ[70] عِبَادٌ مَخْلُوقُونَ اقْتِدَاراً، وَ مَرْبُوبُونَ اقْتِسَاراً،

وَ مَقْبُوضُونَ احْتِضَاراً، وَ مُضَمَّنُونَ أَجْدَاثاً، وَ كَائِنُونَ رُفَاتاً، وَ مَبْعُوثُونَ أَفْرَاداً، وَ مَدینُونَ جَزَاءً،

وَ مُمَیَّزُونَ حِسَاباً.

[صفحه 225]

قَدْ أُمْهِلُوا فی طَلَبِ الْمَخْرَجِ، وَ هُدُوا سَبیلَ الْمَنْهَجِ، وَ عُمِّرُوا مَهَلَ الْمُسْتَعْتَبِ، وَ كُشِفَ[71] عَنْهُمْ سُدَفُ الرَّیْبِ، وَ خُلُّوا لِمِضْمَارِ الْجِیَادِ، وَ رَوِیَّةِ الاِرْتِیَادِ، وَ أَنَاةِ الْمُقْتَبِسِ الْمُرْتَادِ، فی مُدَّةِ الأَجَلِ، وَ مُضْطَرَبِ الْمَهَلِ.

فَیَا لَهَا أَمْثَالاً صَائِبَةً، وَ مَوَاعِظَ شَافِیَةً، لَوْ صَادَفَتْ قُلُوباً زَاكِیَةً، وَ أَسْمَاعاً وَاعِیَةً، وَ آرَاءً عَازِمَةً، وَ أَلْبَاباً حَازِمَةً.

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَقِیَّةَ مَنْ سَمِعَ فَخَشَعَ، وَ اقْتَرَفَ فَاعْتَرَفَ، وَ وَجِلَ فَعَمِلَ، وَ حَاذَرَ فَبَادَرَ، وَ أَیْقَنَ فَأَحْسَنَ، وَ عُبِّرَ فَاعْتَبَرَ، وَ حُذِّرَ فَازْدَجَرَ، وَ أَجَابَ فَأَنَابَ، وَ رَاجَعَ فَتَابَ، وَ اقْتَدی فَاحْتَذی، وَ أُرِیَ فَرَأَی ، فَأَسْرَعَ طَالِباً، وَ نَجَا هَارِباً، فَأَفَادَ ذَخیرَةً، وَ أَطَابَ سَریرَةً، وَ عَمَرَ مَعَاداً، وَ اسْتَظْهَرَ زَاداً،

لِیَوْمِ رَحیلِهِ، وَ وَجْهِ سَبیلِهِ، وَ حَالِ حَاجَتِهِ، وَ مَوْطِنِ فَاقَتِهِ، وَ قَدَّمَ أَمَامَهُ، لِدَارِ مُقَامِهِ.

فَاتَّقُوا اللَّهَ، عَبَادَ اللَّهِ، جِهَةَ مَا خَلَقَكُمْ لَهُ، وَ احْذَرُوا مِنْهُ كُنْهَ مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِهِ، وَ اخْشَوْهُ خَشْیَةً تَحْجُزُكُمْ عَمَّا یُسْخِطُهُ[72].

وَ اسْتَحِقُّوا مِنْهُ مَا أَعَدَّ لَكُمْ بِالتَّنَجُّزِ لِصِدْقِ مِیعَادِهِ، وَ الْحَذَرِ مِنْ هَوْلِ مَعَادِهِ، بِأَبْدَانٍ قَائِمَةٍ بِأَرْفَاقِهَا، وَ قُلُوبٍ رَائِدَةٍ لأَرْزَاقِهَا، فی مُجَلِّلاَتِ نِعَمِهِ، وَ مُوجِبَاتِ مِنَنِهِ، وَ حَوَاجِزِ عَافِیَتِهِ.

وَ قَدَّرَ لَكُمْ أَعْمَاراً سَتَرَهَا عَنْكُمْ، وَ خَلَّفَ لَكُمْ عِبَراً مِنْ آثَارِ الْمَاضینَ قَبْلَكُمْ، مِنْ مُسْتَمْتَعِ خَلاَقِهِمْ، وَ مُسْتَفْسَحِ خَنَاقِهِمْ.

أَرْهَقَتْهُمُ الْمَنَایَا دُونَ الآمَالِ، وَ شَذَّبَهُمْ[73] عَنْهَا تَخَرُّمُ الآجَالِ.

لَمْ یَمْهَدُوا فی سَلاَمَةِ الأَبْدَانِ، وَ لَمْ یَعْتَبِرُوا فی أُنُفِ الأَوَانِ.

فَهَلْ یَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضَاضَةِ الشَّبَابِ إِلاَّ حَوَانِیَ[74] الْهَرَمِ، وَ أَهْلُ غَضَارَةِ الصِّحَّةِ إِلاَّ نَوَازِلَ السَّقَمِ، وَ أَهْلُ مُدَّةِ الْبَقَاءِ إِلاَّ آوِنَةَ[75] الْفَنَاءِ، وَ اقْتِرَابَ الْفَوْتِ، وَ دُنُوَّ الْمَوْتِ[76]، مَعَ قُرْبِ الزِّیَالِ، وَ أُزُوفِ

[صفحه 226]

الاِنْتِقَالِ، وَ إِشْفَاءِ الزَّوَالِ، وَ حَفْزِ الأَنینِ، وَ رَشْحِ الْجَبینِ، وَ امْتِدَادِ الْعِرْنینِ[77]، وَ عَلَزِ الْقَلَقِ، وَ فَیْظِ الرَّمَقِ[78]، وَ أَلَمِ الْمَضَضِ، وَ غُصَصِ الْجَرَضِ، وَ تَلَفُّتِ الاِسْتِغَاثَةِ بِنُصْرَةِ الْحَفَدَةِ وَ الأَقْرِبَاءِ، وَ الأَعِزَّةِ وَ الْقُرَنَاءِ.

فَهَلْ دَفَعَتِ الأَقَارِبُ، أَوْ نَفَعَتِ النَّوَاحِبُ؟.

أَلاَ وَ إِنَّ الدُّنْیَا [ قَدْ ] دَارَتْ عَلَیْكُمْ بِصُرُوفِهَا، وَ رَمَتْكُمْ بِسِهَامِ حُتُوفِهَا، فَهِیَ تَنْزِعُ أَرْوَاحَكُمْ نَزْعاً،

وَ أَنْتُمْ تَجْمَعُونَ لَهَا جَمْعاً.

لِلْمَوْتِ تُولَدُونَ، وَ إِلَی الْقُبُورِ تُنْقَلُونَ، وَ عَلَی التُّرَابِ تَتَوَسَّدُونَ، وَ إِلَی الدُّودِ تُسَلَّمُونَ، وَ إِلَی الْحِسَابِ تُبْعَثُونَ[79].

فَاعْتَبِرُوا بِنُزُولِكُمْ مَنَازِلَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَ انْقِطَاعِكُمْ عَنْ أَوْصَلِ إِخْوَانِكُمْ.

وَ اعْلَمُوا، عِبَادَ اللَّهِ، أَنَّكُمْ وَ مَا أَنْتُمْ فیهِ مِنْ هذِهِ الدُّنْیَا عَلی سَبیلِ[80] مَنْ قَدْ مَضی قَبْلَكُمْ، مِمَّنْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْكُمْ أَعْمَاراً، وَ أَشَدَّ بَطْشاً[81]، وَ أَعْمَرَ دِیَاراً، وَ أَبْعَدَ آثَاراً.

أَصْبَحَتْ أَصْوَاتُهُمْ هَامِدَةً، وَ رِیَاحُهُمْ رَاكِدَةً، وَ أَجْسَادُهُمْ بَالِیَةً، وَ دِیَارُهُمْ خَالِیَةً، وَ آثَارُهُمْ عَافِیَةً، فَاسْتَبْدَلُوا بِالْقُصُورِ الْمُشَیَّدَةِ، وَ السُّرُرِ الْمُنَضَّدَةِ[82]، وَ النَّمَارِقِ الْمُمَهَّدَةِ[83]، الصُّخُورَ وَ الأَحْجَارَ الْمُسَنَّدَةَ[84]، وَ الْقُبُورَ اللاَّطِئَةَ الْمُلَحَّدَةَ، الَّتی قَدْ بُنِیَ عَلَی الْخَرَابِ[85] فِنَاؤُهَا، وَ شُیِّدَ بِالتُّرَابِ بِنَاؤُهَا.

[صفحه 227]

فَمَحَلُّهَا مُقْتَرِبٌ، وَ سَاكِنُهَا مُغْتَرِبٌ، بَیْنَ أَهْلِ مَحَلَّةٍ مُوحِشینَ، وَ أَهْلِ فَرَاغٍ مُتَشَاغِلینَ.

لاَ یَسْتَأْنِسُونَ بِالأَوْطَانِ[86]، وَ لاَ یَتَوَاصَلُونَ تَوَاصُلَ الْجیرَانِ، عَلی مَا بَیْنَهُمْ مِنْ قُرْبِ الْجِوَارِ،

وَ دُنُوِّ الدَّارِ.

وَ كَیْفَ یَكُونُ بَیْنَهُمْ تَزَاوُرٌ، وَ قَدْ طَحَنَهُمْ بِكَلْكَلِهِ الْبِلی، وَ أَكَلَتْهُمُ الْجَنَادِلُ وَ الثَّری، فَأَصْبَحُوا بَعْدَ الْحَیَاةِ أَمْوَاتاً، وَ بَعْدَ غَضَارَةِ الْعَیْشِ رُفَاتاً؟.

قَدْ فُجِعَ بِهِمُ الأَحْبَابُ، وَ أُسْكِنُوا التُّرَابَ، وَ ظَعَنُوا فَلَیْسَ لَهُمْ إِیَابٌ، وَ تَمَنَّوُا الرُّجُوعَ فَحیلَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ مَا یَشْتَهُونَ.

هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ، كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَ مِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ[87].

وَ كَأَنْ قَدْ صِرْتُمْ إِلی مَا صَارُوا إِلَیْهِ مِنَ الْوَحْدَةِ وَ الْبِلی فی دَارِ الْمَوْتی[88]، وَ ارْتَهَنَكُمْ ذَلِكَ الْمَضْجَعُ، وَ ضَمَّكُمْ ذَلِكَ الْمُسْتَوْدَعُ.

فَكَیْفَ بِكُمْ لَوْ تَنَاهَتْ بِكُمُ الأُمُورُ، وَ بُعْثِرَتِ الْقُبُورُ، وَ حُصِّلَ مَا فِی الصُّدُورِ، وَ هُتِكَتْ عَنْكُمُ الْحُجُبُ وَ الأَسْتَارُ، وَ ظَهَرَتْ مِنْكُمُ الْعُیُوبُ وَ الأَسْرَارُ، وَ زَالَ الشَّكُّ وَ الاِرْتِیَابُ، وَ أُوقِفْتُمْ لِلتَّحْصیلِ،

بَیْنَ یَدَیِ مَلِكٍ جَلیلٍ، فَطَارَتِ الْقُلُوبُ لإِشْفَاقِهَا مِنْ سَالِفِ الذُّنُوبِ[89]، هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَ رُدُّوا إِلَی اللَّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا یَفْتَرُونَ[90].

إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ فی كِتَابِهِ: لِیَجْزِیَ الَّذینَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَ یَجْزِیَ الَّذینَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنی[91].

وَ قَالَ: وَ وُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَی الْمُجْرِمینَ مُشْفِقینَ مِمَّا فیهِ وَ یَقُولُونَ یَا وَیْلَتَنَا مَا لِهذَا الْكِتَابِ لاَ یُغَادِرُ صَغیرَةً وَ لاَ كَبیرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَ وَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَ لاَ یَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً[92].

[صفحه 228]

أَمْ هذَا الَّذی أَنْشَأَهُ فی ظُلُمَاتِ الأَرْحَامِ، وَ شُغُفِ الأَسْتَارِ، نُطْفَةً دِهَاقاً[93]، وَ عَلَقَةً مُحَاقاً،

وَ جَنیناً وَ رَاضِعاً، وَ وَلیداً وَ یَافِعاً، ثُمَّ مَنَحَهُ قَلْباً حَافِظاً، وَ لِسَاناً لاَفِظاً، وَ بَصَراً لاَحِظاً، لِیَفْهَمَ مُعْتَبِراً، وَ یُقَصِّرَ مُزْدَجِراً.

حَتَّی إِذَا قَامَ اعْتِدَالُهُ، وَ اسْتَوی مِثَالُهُ، نَفَرَ مُسْتَكْبِراً، وَ خَبَطَ سَادِراً، مَاتِحاً فی غَرْبِ هَوَاهُ،

كَادِحاً سَعْیاً لِدُنْیَاهُ، فی لَذَّاتِ طَرَبِهِ، وَ بَدَوَاتِ أَرَبِهِ.

لاَ یَتَحَسَّبُ[94] رَزِیَّةً، وَ لاَ یَخْشَعُ تَقِیَّةً، فَمَاتَ فی فِتْنَتِهِ غَریراً، وَ عَاشَ فی هَفْوَتِهِ أَسیراً[95].

لَمْ یُفِدْ[96] عِوَضاً، وَ لَمْ یَقْضِ مُفْتَرَضاً.

دَهَمَتْهُ فَجَعَاتُ الْمَنِیَّةِ فی غُبَّرِ جِمَاحِهِ، وَ سَنَنِ مَرَاحِهِ، فَظَلَّ سَادِراً، وَ بَاتَ سَاهِراً، فی غَمَرَاتِ الآلاَمِ، وَ طَوَارِقِ الأَوْجَاعِ وَ الأَسْقَامِ، بَیْنَ أَخٍ شَقیقٍ، وَ وَالِدٍ شَفیقٍ، وَ دَاعِیَةٍ بِالْوَیْلِ جَزَعاً، وَ لاَدِمَةٍ لِلصَّدْرِ قَلَقاً.

وَ الْمَرْءُ فی سَكْرَةٍ مُلْهِیَةٍ، وَ غَمْرَةٍ كَارِثَةٍ[97]، وَ أَنَّةٍ مُوجِعَةٍ، وَ جَذْبَةٍ مُكْرِبَةٍ، وَ سَوْقَةٍ مُتْعِبَةٍ.

ثُمَّ أُدْرِجَ فی أَكْفَانِهِ مُبْلِساً، وَ جُذِبَ مُنْقَاداً سَلِساً.

ثُمَّ أُلْقِیَ عَلَی الأَعْوَادِ رَجیعَ وَصَبٍ، وَ نِضْوَ سَقَمٍ، تَحْمِلُهُ حَفَدَةُ الْوِلْدَانِ، وَ حَشَدَةُ الإِخْوَانِ،

إِلی دَارِ غُرْبَتِهِ، وَ مُنْقَطَعِ زَوْرَتِهِ، وَ مُنْفَرَدِ[98] وَحْشَتِهِ.

حَتَّی إِذَا انْصَرَفَ الْمُشَیِّعُ، وَ رَجَعَ الْمُتَفَجِّعُ، أُقْعِدَ فی حُفْرَتِهِ نَجِیّاً، لِبَهْتَةِ السُّؤَالِ، وَ عَثْرَةِ الاِمْتِحَانِ.

وَ أَعْظَمُ مَا هُنَالِكَ بَلِیَّةً نُزُلُ الْحَمیمِ، وَ تَصْلِیَةُ الْجَحیمِ، وَ فَوْرَاتُ السَّعیرِ، وَ سَوْرَاتُ الزَّفیرِ.

لاَ فَتْرَةٌ مُریحَةٌ، وَ لاَ دَعَةٌ مُزیحَةٌ، وَ لاَ قُوَّةٌ حَاجِزَةٌ، وَ لاَ مَوْتَةٌ نَاجِزَةٌ، وَ لاَ سِنَةٌ مُسْلِیَةٌ، بَیْنَ أَطْوَارِ

[صفحه 229]

الْمَوْتَاتِ، وَ عَذَابِ السَّاعَاتِ.

إِنَّا بِاللَّهِ عَائِذُونَ، وَ إِنَّا للَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ رَاجِعُونَ.

ثُمَّ مِنْ دُونِ ذَلِكَ أَهْوَالُ یَوْمِ الْقِیَامَةِ، وَ یَوْمِ الْحَسْرَةِ وَ النَّدَامَةِ.

یَوْمَ تُنْصَبُ فیهِ الْمَوَازینُ، وَ تُنْشَرُ فیهِ الدَّوَاوینُ، لإِحْصَاءِ كُلِّ صَغیرَةٍ، وَ إِعْلاَنِ كُلِّ كَبیرَةٍ[99].

وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَجَازَكُمْ عَلَی الصِّرَاطِ وَ مَزَالِقِ دَحْضِهِ، وَ أَهَاویلِ زَلَلِهِ، وَ تَارَاتِ أَهْوَالِهِ.

فَاتَّقُوا اللَّهَ، عِبَادَ اللَّهِ، تَقِیَّةَ ذی لُبٍّ شَغَلَ التَّفَكُّرُ قَلْبَهُ، وَ أَنْصَبَ الْخَوْفُ بَدَنَهُ، وَ أَسْهَرَ التَّهَجُّدُ غِرَارَ نَوْمِهِ، وَ أَظْمَأَ الرَّجَاءُ هَوَاجِرَ یَوْمِهِ، وَ ظَلَفَ الزُّهْدُ شَهَوَاتِهِ، وَ أَوْجَفَ[100] الذِّكْرُ بِلِسَانِهِ، وَ قَدَّمَ الْخَوْفَ لأَمَانِهِ[101]، وَ تَنَكَّبَ الْمَخَالِجَ عَنْ وَضْحِ السَّبیلِ، وَ سَلَكَ أَقْصَدَ الْمَسَالِكِ إِلَی النَّهْجِ الْمَطْلُوبِ،

وَ لَمْ تَفْتِلْهُ فَاتِلاَتُ الْغُرُورِ[102]، وَ لَمْ تَعْمَ عَلَیْهِ مُشْتَبِهَاتُ الأُمُورِ، ظَافِراً بِفَرْحَةِ الْبُشْری، وَ رَاحَةِ النُّعْمی، فی أَنْعَمِ نَوْمِهِ، وَ آمِنِ یَوْمِهِ.

قَدْ عَبَرَ مَعْبَرَ الْعَاجِلَةِ حَمیداً، وَ قَدَّمَ زَادَ الآجِلَةِ سَعیداً، وَ بَادَرَ مِنْ وَجَلٍ[103]، وَ أَكْمَشَ فی مَهَلٍ،

وَ رَغِبَ فی طَلَبٍ، وَ ذَهَبَ[104] عَنْ هَرَبٍ، وَ رَقَبَ فی یَوْمِهِ غَدَهُ، وَ نَظَرَ قُدْماً[105] أَمَامَ.

فَكَفی بِالْجَنَّةِ ثَوَاباً وَ نَوَالاً، وَ كَفی بِالنَّارِ عِقَاباً وَ وَبَالاً، وَ كَفی بِاللَّهِ ظَهیراً وَ مُجیراً[106]، وَ كَفی بَاللَّهِ مُنْتَقِماً وَ نَصیراً، وَ كَفی بَالْكِتَابِ حَجیجاً وَ خَصیماً.

عِبَادَ اللَّهِ الَّذینَ عُمِّرُوا فَنَعِمُوا، وَ عُلِّمُوا فَفَهِمُوا، وَ أُنْظِرُوا فَلَهُوا، وَ سُلِّمُوا فَنَسُوا، أُمْهِلُوا

[صفحه 230]

طَویلاً، وَ مُنِحُوا جَمیلاً، وَ حُذِّرُوا أَلیماً، وَ وُعِدُوا جَسیماً، احْذَرُوا الذُّنُوبَ الْمُورِطَةَ[107]، وَ الْعُیُوبَ الْمُسْخِطَةَ، وَ اعْتَبِرُوا بِمَا قَدْ رَأَیْتُمْ مِنْ مَصَارِعِ الْقُرُونِ قَبْلَكُمْ، قَدْ تَزَایَلَتْ أَوْصَالُهُمْ، وَ زَالَتْ أَبْصَارُهُمْ وَ أَسْمَاعُهُمْ[108]، وَ ذَهَبَ شَرَفُهُمْ وَ عِزُّهُمْ، وَ انْقَطَعَ سُرُورُهُمْ وَ نَعیمُهُمْ، فَبُدِّلُوا بِقُرْبِ الأَوْلاَدِ فَقْدَهَا، وَ بِصُحْبَةِ الأَزْوَاجِ مُفَارَقَتَهَا[109].

لاَ یَتَفَاخَرُونَ وَ لاَ یَتَنَاسَلُونَ، وَ لاَ یَتَزَاوَرُونَ وَ لاَ یَتَحَاوَرُونَ[110].

فَاحْذَرُوا، عِبَادَ اللَّهِ، حَذَرَ الْغَالِبِ لِنَفْسِهِ، الْمَانِعِ لِشَهْوَتِهِ، النَّاظِرِ بِعَقْلِهِ، فَإِنَّ الأمْرَ وَاضِحٌ،

وَ الْعَلَمَ قَائِمٌ، وَ الطَّریقَ جَدَدٌ، وَ السَّبیلَ قَصْدٌ.

فَاعْمَلُوا، وَ أَنْتُمْ فی نَفَسِ[111] الْبَقَاءِ، وَ الصُّحُفُ مَنْشُورَةٌ، وَ التَّوْبَةُ مَبْسُوطَةٌ، وَ الْمُدْبِرُ یُدْعی، وَ الْمُسی ءُ یُرْجی، قَبْلَ أَنْ یَخْمُدَ[112] الْعَمَلُ، وَ یَنْقَطِعَ الْمَهَلُ، وَ یَنْقَضِیَ الأَجَلُ[113]، وَ یُسَدَّ بَابُ التَّوْبَةِ، وَ تَصْعَدَ الْمَلاَئِكَةُ.

أَلآنَ، عِبَادَ اللَّهِ، بَادِرُوا صَالِحَ الأَعْمَالِ[114] وَ الْخِنَاقُ مُهْمَلٌ، وَ الرُّوحُ مُرْسَلٌ، فی فَیْنَةِ الاِرْشَادِ[115]، وَ رَاحَةِ الأَجْسَادِ، وَ بَاحَةِ الاِحْتِشَادِ، وَ مَهَلِ الْبَقِیَّةِ، وَ أُنُفِ الْمَشِیَّةِ، وَ إِنْظَارِ[116] التَّوْبَةِ،

وَ انْفِسَاحِ الْحَوْبَةِ، قَبْلَ الضَّنْكِ وَ الْمَضیقِ، وَ الرَّوْعِ وَ الزُّهُوقِ، وَ قَبْلَ قُدُومِ الْغَائِبِ الْمُنْتَظَرِ، وَ أَخْذَةِ

[صفحه 231]

الْعَزیزِ الْمُقْتَدِرِ.

اَللَّهَ اللَّهَ، عِبَادَ اللَّهِ، قَبْلَ جُفُوفِ الأَقْلاَمِ، وَ تَصَرُّمِ الأَیَّامِ، وَ لُزُومِ الآثَامِ، وَ قَبْلَ الدَّعْوَةِ بِالْحَسْرَةِ وَ الْوَیْلِ وَ الشَّقْوَةِ، وَ نُزُولِ عَذَابِ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً.

أَیُّهَا النَّاسُ، الآنَ الآنَ، مَا دَامَ الْوَثَاقُ مُطْلَقاً، وَ السِّرَاجُ مُنیراً، وَ بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحاً، وَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُطْوَی الصَّحیفَةُ، فَلاَ رِزْقٌ یَنْزِلُ، وَ لاَ عَمَلٌ یَصْعَدُ.

اَلْمِضْمَارُ الْیَوْمَ، وَ السِّبَاقُ غَداً، وَ إِنَّكُمْ لاَ تَدْرُونَ إِلی جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ.

اَلآنَ الآنَ، مِنْ قَبْلِ النَّدَمِ، وَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ یَا حَسْرَتی عَلی مَا فَرَّطْتُ فی جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرینَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانی لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقینَ أَوْ تَقُولَ حینَ تَرَی الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لی كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنینَ[117].

فَیَرُدُّ عَلَیْهِ الْجَلیلُ جَلَّ جَلاَلُهُ: بَلی قَدْ جَاءَتْكَ آیَاتی فَكَذَّبْتَ بِهَا وَ اسْتَكْبَرْتَ وَ كُنْتَ مِنَ الْكَافِرینَ[118].

فَوَ اللَّهِ مَا یَسْأَلُ الرُّجُوعَ إِلاَّ لِیَعْمَلَ صَالِحاً، وَ لاَ یُشْرِكَ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً[119].

فَأَخَذَ امْرُؤٌ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَ أَخَذَ مِنْ حَیٍّ لِمَیِّتٍ، وَ مِنْ فَانٍ لِبَاقٍ، وَ مِنْ ذَاهِبٍ لِدَائِمٍ.

إِمْرُؤٌ خَافَ اللَّهَ وَ هُوَ مُعَمَّرٌ إِلی أَجَلِهِ، وَ مَنْظُورٌ إِلی عَمَلِهِ.

إِمْرُؤٌ أَلْجَمَ نَفْسَهُ بِلِجَامِهَا، وَ زَمَّهَا بِزِمَامِهَا، فَأَمْسَكَهَا بِلِجَامِهَا عَنْ مَعَاصِی اللَّهِ، وَ قَادَهَا بِزِمَامِهَا إِلی طَاعَةِ اللَّهِ.

یَا أُولِی الأَبْصَارِ وَ الأَسْمَاعِ، وَ الْعَافِیَةِ وَ الْمَتَاعِ، هَلْ مِنْ مَنَاصٍ أَوْ خَلاَصٍ، أَوْ مَعَاذٍ أَوْ مَلاَذٍ، أَوْ فِرَارٍ أَوْ مَحَارٍ؟.

أَمْ لاَ، فَأَنَّی تُؤْفَكُونَ؟.

أَمْ أَیْنَ تُصْرَفُونَ؟.

أَمْ بِمَا ذَا تَغْتَرُّونَ؟.

[صفحه 232]

وَ إِنَّمَا حَظُّ أَحَدِكُمْ مِنَ الأَرْضِ ذَاتِ الطُّولِ وَ الْعَرْضِ قَیْدُ قَدِّهِ، مُتَعَفِّراً[120] عَلی خَدِّهِ، وَ قَدْ غُودِرَ فی مَحَلَّةِ الأَمْوَاتِ رَهیناً، وَ فی ضیقِ الْمَضْجَعِ وَحیداً.

قَدْ هَتَكَتِ الْهَوَامُّ جِلْدَتَهُ، وَ أَبْلَتِ النَّوَاهِكُ جِدَّتَهُ، وَ عَفَتِ الْعَوَاصِفُ آثَارَهُ، وَ مَحَا الْحَدَثَانُ[121] مَعَالِمَهُ، وَ صَارَتِ الأَجْسَادُ شَحِبَةً بَعْدَ بَضَّتِهَا، وَ الْعِظَامُ نَخِرَةً بَعْدَ قُوَّتِهَا، وَ الأَرْوَاحُ مُرْتَهَنَةً بِثِقَلِ أَعْبَائِهَا، مُوقِنَةً بِغَیْبِ أَنْبَائِهَا.

لاَ تُسْتَزَادُ مِنْ صَالِحِ عَمَلِهَا، وَ لاَ تُسْتَعْتَبُ مِنْ سَیِ ءِ زَلَلِهَا.

أَ وَ لَسْتُمْ أَبْنَاءَ الْقَوْمِ وَ الآبَاءَ، وَ إِخْوَانَهُمْ وَ الأَقْرِبَاءَ، تَحْتَذُونَ أَمْثِلَتَهُمْ، وَ تَرْكَبُونَ قِدَّتَهُمْ،

وَ تَطَؤُونَ جَادَّتَهُمْ؟.

فَالْقُلُوبُ قَاسِیَةٌ عَنْ حَظِّهَا، لاَهِیَةٌ عَنْ رُشْدِهَا، سَالِكَةٌ فی غَیْرِ مِضْمَارِهَا، كَأَنَّ الْمَعْنِیَّ سِوَاهَا، وَ كَأَنَّ الرُّشْدَ فی إِحْرَازِ دُنْیَاهَا.

فَعَلامَ، عِبَادَ اللَّهِ، التَّعَرُّجُ وَ الدَّلَجُ؟.

وَ إِلی أَیْنَ الْمَفَرُّ وَ الْمَهْرَبُ؟.

وَ هذَا الْمَوْتُ فِی الطَّلَبِ، یَخْتَرِمُ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، لاَ یَتَحَنَّنُ عَلی ضَعیفٍ، وَ لاَ یُعَرِّجُ عَلی شَریفٍ،

وَ الْجَدیدَانِ یَحُثَّانِ الأَجَلَ تَحْثیثاً، وَ یَسُوقَانِهِ سَوْقاً حَثیثاً.

وَ كُلُّ مَا هُوَ آتٍ فَقَریبٌ.

وَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ الْعَجَبُ الْعَجیبُ.

فَأَعِدُّوا الْجَوَابَ لِیَوْمِ الْحِسَابِ، وَ أَكْثِرُوا الزَّادَ لِیَوْمِ الْمَعَادِ[122].

عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ[123] إِلَیْهِ عَبْداً أَعَانَهُ اللَّهُ عَلی نَفْسِهِ، فَاسْتَشْعَرَ الْحُزْنَ، وَ تَجَلْبَبَ الْخَوْفَ، وَ أَضْمَرَ الْیَقینَ، وَ عَرِیَ مِنَ الشَّكِّ فی تَوَهُّمِ الزَّوَالِ، فَهُوَ مِنْهُ عَلی بَالٍ[124]،

فَزَهَرَ مِصْبَاحُ الْهُدی فی قَلْبِهِ، وَ أَعَدَّ الْقِری لِیَوْمِهِ النَّازِلِ بِهِ، فَقَرَّبَ عَلی نَفْسِهِ الْبَعیدَ، وَ هَوَّنَ الشَّدیدَ.

[صفحه 233]

نَظَرَ فَأَبْصَرَ، وَ ذَكَرَ فَاسْتَكْثَرَ، وَ ارْتَوی مِنْ عَذْبٍ فُرَاتٍ سُهِّلَتْ لَهُ مَوَارِدُهُ، فَشَرِبَ نَهْلاً، وَ سَلَكَ سَبیلاً جَدَداً.

قَدْ خَلَعَ سَرَابیلَ الشَّهَوَاتِ، وَ تَخَلَّی مِنَ الْهُمُومِ إِلاَّ هَمّاً وَاحِداً انْفَرَدَ[125] بِهِ، فَخَرَجَ مِنْ صِفَةِ الْعَمی، وَ مُشَارَكَةِ أَهْلِ الْهَوی، وَ صَارَ مِنْ مَفَاتیحِ أَبْوَابِ الْهُدی، وَ مَغَالیقِ أَبْوَابِ الرَّدی.

قَدْ أَبْصَرَ طَریقَهُ، وَ سَلَكَ سَبیلَهُ، وَ عَرَفَ مَنَارَهُ[126]، وَ اسْتَفْتَحَ بِمَا فَتَحَ الْعَالِمُ بِهِ أَبْوَابَهُ، وَ خَاضَ بِحَارَهُ[127]، وَ قَطَعَ غِمَارَهُ.

وَ اسْتَمْسَكَ مِنَ الْعُری بِأَوْثَقِهَا، وَ اسْتَعْصَمَ[128] مِنَ الْحِبَالِ بِأَمْتَنِهَا، فَهُوَ مِنَ الْیَقینِ عَلی مِثْلِ ضَوْءِ الشَّمْسِ.

قَدْ نَصَبَ نَفْسَهُ للَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی فی أَرْفَعِ الأُمُورِ، مِنْ إِصْدَارِ كُلِّ وَارِدٍ عَلَیْهِ، وَ تَصْییرِ كُلِّ فَرْعٍ إِلی أَصْلِهِ.

مِصْبَاحُ ظُلُمَاتٍ، كَشَّافُ عَشَوَاتٍ[129]، خَوَّاضُ غَمَرَاتٍ[130]، مِفْتَاحُ[131] مُبْهَمَاتٍ، دَفَّاعُ[132] مُعْضِلاَتٍ،

دَلیلُ فَلَوَاتٍ.

یَقُولُ فَیُفْهِمُ، وَ یَسْكُتُ فَیَسْلَمُ.

قَدْ أَخْلَصَ للَّهِ سُبْحَانَهُ فَاسْتَخْلَصَهُ، فَهُوَ مِنْ مَعَادِنِ دینِهِ، وَ أَوْتَادِ أَرْضِهِ.

قَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْعَدْلَ، فَكَانَ أَوَّلَ عَدْلِهِ نَفْیُ الْهَوی عَنْ نَفْسِهِ.

یَصِفُ الْحَقَّ وَ یَعْمَلُ بِهِ.

لاَ یَدَعُ لِلْخَیْرِ غَایَةً إِلاَّ أَمَّهَا، وَ لاَ مَظِنَّةً إِلاَّ قَصَدَهَا.

[صفحه 234]

قَدْ أَمْكَنَ الْكِتَابَ مِنْ زِمَامِهِ، فَهُوَ قَائِدُهُ وَ إِمَامُهُ، یَحُلُّ حَیْثُ حَلَّ ثَقَلُهُ، وَ یَنْزِلُ حَیْثُ كَانَ مَنْزِلُهُ.

وَ إِنَّ مِنْ أَبْغَضِ الرِّجَالِ إِلَی اللَّهِ تَعَالی لَعَبْداً وَ كَلَهُ اللَّهُ إِلی نَفْسِهِ، جَائِراً عَنْ قَصْدِ السَّبیلِ، سَائِراً بِغَیْرِ دَلیلٍ.

إِنْ دُعِیَ إِلی حَرْثِ الدُّنْیَا عَمِلَ، وَ إِنْ دُعِیَ إِلی حَرْثِ الآخِرَةِ كَسِلَ.

كَأَنَّ مَا عَمِلَ لَهُ وَاجِبٌ عَلَیْهِ، وَ كَأَنَّ مَا وَنی فیهِ سَاقِطٌ عَنْهُ.

وَ آخَرَ قَدْ تَسَمَّی[133] عَالِماً وَ لَیْسَ بِهِ، فَاقْتَبَسَ جَهَائِلَ مِنْ جُهَّالٍ، وَ أَضَالیلَ مِنْ ضُلاَّلٍ،

وَ نَصَبَ لِلنَّاسِ أَشْرَاكاً مِنْ حَبَائِلِ[134] غُرُورٍ، وَ قَوْلِ زُورٍ.

قَدْ حَمَلَ الْكِتَابَ عَلی آرَائِهِ، وَ عَطَفَ الْحَقَّ عَلی أَهَوَائِهِ.

یُؤَمِّنُ النَّاسَ مِنَ الْعَظَائِمِ، وَ یُهَوِّنُ كَبیرَ الْجَرَائِمِ.

یَقُولُ: أَقِفُ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ، وَ فیهَا وَقَعَ.

وَ یَقُولُ: أَعْتَزِلُ الْبِدَعَ، وَ بَیْنَهَا اضْطَجَعَ.

فَالصُّورَةُ صُورَةُ إِنْسَانٍ، وَ الْقَلْبُ قَلْبُ حَیَوَانٍ.

لاَ یَعْرِفُ بَابَ الْهُدی فَیَتَّبِعَهُ، وَ لاَ بَابَ الْعَمی فَیَصُدَّ عَنْهُ.

فَذَلِكَ مَیِّتُ الأَحْیَاءِ.

جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ عَامِلینَ بِكِتَابِهِ، مُتَّبِعینَ لِسُنَّةِ رَسُولِهِ [ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ ]. [ وَ ] عَصَمَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ بِطَاعَتِهِ، وَ أَعَانَنَا وَ إِیَّاكُمْ عَلی مَا یُقَرِّبُ إِلَیْهِ، وَ یُزْلِفُ لَدَیْهِ، حَتَّی یُحِلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ،

إِنَّهُ حَمیدٌ مَجیدٌ، فَإِنَّمَا نَحْنُ بِهِ وَ لَهُ[135].

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلی نَفْسی وَ أَنْفُسِكُمْ، وَ هُوَ حَسْبُنَا وَ نِعْمَ الْوَكیلُ.

وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لی وَ لَكُمْ[136].

[صفحه 235]


صفحه 216، 217، 218، 219، 220، 221، 222، 223، 224، 225، 226، 227، 228، 229، 230، 231، 232، 233، 234، 235.








    1. ورد فی كفایة الطالب للكنجی ص 391. و مصباح البلاغة للمیرجهانی ج 1 ص 71 عن حلیة الأولیاء.
    2. ورد فی أمالی الطوسی ص 694. و نهج السعادة للمحمودی ج 3 ص 171.
    3. جوده و. ورد فی المصدرین السابقین ص 172.
    4. سبوغ. ورد فی المصدرین السابقین.
    5. قادرا قاهرا. ورد فی نسخة عبده ص 185.
    6. ورد فی أمالی الطوسی ص 694. و نهج السعادة للمحمودی ج 3 ص 171.
    7. ورد فی المصدرین السابقین.
    8. تقعد. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 77. و نسخة عبده ص 201.
    9. النازعات، 31 و 32.
    10. ورد فی أمالی الطوسی ص 694. و نهج السعادة للمحمودی ج 3 ص 172.
    11. ورد فی المصدرین السابقین.
    12. ورد فی المصدرین السابقین.
    13. ورد فی تذكرة الخواص ص 124. و كفایة الطالب ص 392. و نهج السعادة ج 3 ص 130 و 187 و 302. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 26. و مصباح البلاغة ج 1 ص 71 عن حلیة الأولیاء. و نهج البلاغة الثانی ص 52.
    14. أسبغ علیكم. ورد فی الخطبة 182.
    15. و أحاطكم بالاحصاء. ورد فی نسخة عبده ص 186.
    16. أعدّ. ورد فی نسخة الأسترابادی ص 75.
    17. استعصموا. ورد فی متن شرح ابن أبی الحدید ( طبعة دار الأندلس ) ج 4 ص 318. و هامش شرح ابن میثم ج 5 ص 333.

      و نسخة الأسترابادی ص 555.

    18. ورد فی العقد الفرید لابن عبد ربه ج 4 ص 192.
    19. یمهلكم. ورد فی نهج السعادة للمحمودی ج 3 ص 130 و ص 302.
    20. ورد فی تذكرة الخواص ص 124. و كفایة الطالب ص 392. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 26. و مصباح البلاغة ج 1 ص 71 عن حلیة الأولیاء. و نهج البلاغة الثانی ص 52.
    21. ورد فی دستور معالم الحكم ص 65. و تذكرة الخواص ص 118. و كفایة الطالب ص 392. و مصباح البلاغة ج 1 ص 71.

      باختلاف بین المصادر.

    22. فأحصاكم. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 71. و نسخة الآملی ص 49. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 73. و نسخة الأسترابادی ص 75. و نسخة الصالح ص 108.
    23. لحریّة. ورد فی غرر الحكم للآمدی ج 1 ص 227.
    24. نفوسكم. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 59. و نسخة ابن المؤدب ص 41. و نسخة نصیری ص 22. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 61.
    25. لقمان، 33. و وردت الفقرة فی أمالی الطوسی ص 695. و غرر الحكم ج 1 ص 352. و نهج السعادة ج 3 ص 173. و مصباح البلاغة ج 2 ص 113 عن مجموعة ورّام. باختلاف بین المصادر.
    26. ورد فی أمالی الطوسی ص 695. و نهج السعادة للمحمودی ج 3 ص 174.
    27. أصغر فی أعینكم. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 41. و نسخة الآملی ص 29. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 43. و نسخة الأسترابادی ص 42. و نسخة العطاردی ص 41.
    28. السّابقة. ورد فی
    29. جهّز. ورد فی أمالی الطوسی ص 695. و نهج السعادة ج 3 ص 174 عن تنبیه الخواطر. و مصباح البلاغة ج 2 ص 113 عن مجموعة ورّام.
    30. ورد فی المصادر السابقة. و غرر الحكم للآمدی ج 1 ص 170. باختلاف یسیر.
    31. ورد فی غرر الحكم للآمدی ج 1 ص 168.
    32. نور. ورد فی المصدر السابق.
    33. و مدّنوا المدائن. ورد فی نسخ النهج.
    34. فصّلت، 15.
    35. الأنعام، 62.
    36. السّباق. ورد فی أمالی الطوسی ص 695. و نهج السعادة للمحمودی ج 3 ص 175.
    37. الواقعة، 86 و 87. و الفقرات وردت فی أمالی الطوسی ص 695. و غرر الحكم ج 1 ص 169. و نهج السعادة ج 3 ص 174.

      و مصباح البلاغة ج 2 ص 113 و 116 عن مجموعة ورّام.

    38. ورد فی تذكرة الخواص ص 124. و كفایة الطالب ص 392. و مستدرك كاشف الغطاء ص 26. و نهج السعادة ج 3 ص 303. و نهج البلاغة الثانی ص 53.
    39. كمّش. ورد فی نسخة عبده ص 704. و نسخة الصالح ص 506.
    40. ورد فی تذكرة الخواص ص 124. و كفایة الطالب ص 392. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 26. و نهج السعادة ج 3 ص 303.

      و مصباح البلاغة ج 1 ص 72 عن حلیة الأولیاء. و نهج البلاغة الثانی ص 53. باختلاف یسیر.

    41. ورد فی المصادر السابقة. باختلاف یسیر.
    42. ورد فی كفایة الطالب ص 392. و مصباح البلاغة ج 1 ص 72 عن الحلیة. و ورد شجی قاتل فی نهج السعادة ج 3 ص 303.
    43. ورد فی المصدرین السابقین. و دستور معالم الحكم ص 34. و غرر الحكم ج 1 ص 260. باختلاف بین المصادر.
    44. بأرحلها. ورد فی
    45. بعقب. ورد فی نسخة الآملی ص 49. و نسخة نصیری ص 28. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 73. و نسخة الصالح ص 108.
    46. ورد فی
    47. الفرق. ورد فی
    48. مقایضة. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 72. و نسخة نصیری ص 28. و نسخة الآملی ص 49. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 74. و نسخة الصالح ص 109.
    49. الزمر، 69.
    50. الشعراء، 100 و 101.
    51. الصافّات، 24.
    52. الأنفال، 50.
    53. محضرة. ورد فی
    54. ورد فی تذكرة الخواص ص 124. و كفایة الطالب ص 392. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 26. و نهج السعادة ج 3 ص 188.

      و ص 304. و مصباح البلاغة ج 1 ص 72 عن حلیة الأولیاء. و نهج البلاغة الثانی ص 53. باختلاف یسیر.

    55. یأسی. ورد فی
    56. سورة محمّد، 14.
    57. الرحمن، 57.
    58. الرعد، 24.
    59. سورة یس، 58.
    60. ورد فی تذكرة الخواص ص 124. و كفایة الطالب ص 393. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 26. و مصباح البلاغة ج 1 ص 73 عن حلیة الأولیاء. و نهج السعادة ج 3 ص 304. و نهج البلاغة الثانی ص 53. باختلاف بین المصادر.
    61. ورد فی دستور معالم الحكم للقضاعی ص 63 و 92. و منهاج البراعة للخوئی ج 14 ص 332.
    62. فی. ورد فی نسخ النهج. و « الأیام » ورد فی المصدرین السابقین.
    63. ورد فی المصدرین السابقین.
    64. ورد فی دستور معالم الحكم للقضاعی ص 63 و 92. و منهاج البراعة للخوئی ج 14 ص 332.
    65. ما تجودون. ورد فی نسخة نصیری ص 108. و متن منهاج البراعة للخوئی ج 10 ص 373.
    66. سورة محمد، 7.
    67. الحدید، 10.
    68. الملك، 2.
    69. الجمعة، 3.
    70. ورد فی دستور معالم الحكم للقضاعی ص 59. و منهاج البراعة للخوئی ج 14 ص 337.
    71. كشفت. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 72. و نسخة نصیری ص 28. و نسخة الآملی ص 50 و نسخة ابن أبی المحاسن ص 74. و نسخة عبده ص 190 و نسخة الصالح ص 109. و نسخة العطاردی ص 75.
    72. ورد فی غرر الحكم للآمدی ج 1 ص 145.
    73. شذّ بهم. ورد فی نسخة الآملی ص 51. و نسخة عبده ص 192. و نسخة الصالح ص 110.
    74. جوانی. ورد فی نسخة ابن المؤدب ص 52. و نسخة العطاردی ص 76 عن شرح الكیذری. و ورد جوافی فی
    75. مفاجأة. ورد فی دستور معالم الحكم للقضاعی ص 60. و منهاج البراعة للخوئی ج 14 ص 337.
    76. ورد فی المصدرین السابقین.
    77. ورد فی دستور معالم الحكم للقضاعی ص 60. و منهاج البراعة للخوئی ج 14 ص 337.
    78. ورد فی المصدرین السابقین.
    79. ورد فی
    80. محجّة. ورد فی
    81. ورد فی دستور معالم الحكم ص 61. و تاریخ دمشق ( ترجمة الإمام علی بن أبی طالب ) ج 3 ص 269. و تذكرة الخواص ص 117. و كنز العمال ج 16 ص 201. و منهاج البراعة ج 14 ص 337. و نهج السعادة ج 3 ص 181. باختلاف یسیر.
    82. ورد فی المصادر السابقة. باختلاف.
    83. الموسّدة. ورد فی تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزی ص 117.
    84. بطون اللّحود، و مجاورة الدّود. ورد فی
    85. بالخراب. ورد فی نسخة ابن میثم ج 4 ص 90. و متن منهاج البراعة ج 14 ص 321. و متن بهج الصباغة ج 8 ص 319.

      و متن مصادر نهج البلاغة ج 3 ص 166. و نسخة العطاردی ص 266.

    86. بالعمران. ورد فی دستور معالم الحكم ص 61. و تاریخ دمشق ( ترجمة الإمام علی بن أبی طالب ) ج 3 ص 269. و تذكرة الخواص ص 117. و كنز العمال ج 16 ص 201. و منهاج البراعة ج 14 ص 337. و نهج السعادة ج 3 ص 182.
    87. المؤمنون، 100. و وردت الفقرات فی المصادر السابقة. باختلاف.
    88. ورد فی المصادر السابقة. عدا تذكرة الخواص.
    89. ورد فی دستور معالم الحكم ص 62. و تاریخ دمشق ( ترجمة علی بن أبی طالب ) ج 3 ص 269. و تذكرة الخواص ص 117.

      و كنز العمال ج 1 ص 202. و الأمالی ص 695. و منهاج البراعة ج 14 ص 338. و نهج السعادة ج 3 ص 183. باختلاف.

    90. یونس، 30.
    91. النجم، 31.
    92. الكهف، 49. و وردت الفقرة فی المصادر السابقة. و مصباح البلاغة ج 2 ص 116 عن مجموعة ورّام. باختلاف بین المصادر.
    93. دفاقا. ورد فی نسخة نصیری ص 30. و هامش متن شرح ابن أبی الحدید ( طبعة دار الأندلس ) ج 2 ص 96.
    94. لا یحتسب. ورد فی نسخة نصیری ص 30. و نسخة الآملی ص 52. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 78. و نسخة الأسترابادی ص 82. و نسخة عبده ص 196. و نسخة الصالح ص 113.
    95. یسیرا. ورد فی المصادر السابقة. و نسخة العام 400 ص 76. و نسخة العطاردی ص 79.
    96. لم یفده. ورد فی
    97. كاربة. ورد فی نسخة العطاردی ص 79 عن شرح الكیذری.
    98. مفرد. ورد فی نسخة نصیری ص 31. و نسخة الصالح ص 113.
    99. ورد فی أمالی الطوسی ص 695. و نهج السعادة للمحمودی ج 3 ص 176. و مصباح البلاغة ج 2 ص 116 عن مجموعة ورّام.

      باختلاف بین المصادر.

    100. أرجف. ورد فی نسخة عبده ص 194.
    101. لإبّانه. ورد فی المصدر السابق.
    102. و لم تقتله قاتلات الغرور. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 75. و نسخة نصیری ص 30.
    103. عن وجل. ورد فی متن شرح ابن أبی الحدید ج 6 ص 264.
    104. رهب. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 75. و نسخة نصیری ص 30. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 77.
    105. قدما. ورد فی نسخة عبده ص 195. و ورد قدما فی
    106. ورد فی غرر الحكم للآمدی ج 2 ص 556.
    107. المورّطة. ورد فی نسخة الآملی ص 53. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 79. و نسخة عبده ص 198. و نسخة الصالح ص 114.
    108. أسماعهم و أبصارهم. ورد فی نسخة العام 400 ص 196. و نسخة ابن المؤدب ص 139. و نسخة نصیری ص 90.

      و نسخة الآملی ص 136. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 193. و نسخة العطاردی عن نسخة موجودة فی مكتبة مدرسة نواب فی مدینة مشهد، و عن نسخة موجودة فی مكتبة جامعة علیكره الهند. و نسخة موجودة فی مكتبة ممتاز العلماء فی لكنهور.

    109. بعدها. ورد فی هامش نسخة الأسترابادی ص 222.
    110. یتجاورون. ورد فی نسخة ابن المؤدب ص 139. و نسخة نصیری ص 90. و نسخة الآملی ص 136. و نسخة عبده ص 348.
    111. آونة. ورد فی غرر الحكم للآمدی ج 1 ص 140.
    112. یخمل. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 323.
    113. تنقضی المدّة. ورد فی المصدر السابق. و نسخة ابن المؤدب ص 228. و نسخة نصیری ص 150. و نسخة الآملی ص 232.
    114. ورد فی غرر الحكم للآمدی ج 1 ص 340.
    115. الارتیاد. ورد فی نسخة الأسترابادی ص 83. و هامش متن منهاج البراعة ج 6 ص 66. و هامش نسخة عبده ص 199.
    116. انتظار. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 76.
    117. الزّمر، 56 58.
    118. الزّمر، 59.
    119. ورد فی أمالی الطوسی ص 696. و نهج السعادة ج 3 ص 176. و مصباح البلاغة ج 2 ص 116 عن مجموعة ورّام.
    120. منعفرا. ورد فی نسخة ابن أبی المحاسن ص 79. و نسخة الأسترابادی ص 83.
    121. الجدیدان. ورد فی نسخة نصیری ص 29.
    122. ورد فی دستور معالم الحكم للقضاعی ص 64 و 94. و منهاج البراعة للخوئی ج 14 ص 338.
    123. ورد فی غرر الحكم للآمدی ج 1 ص 239.
    124. ورد فی دستور معالم الحكم للقضاعی ص 66 و 144. و منهاج البراعة للخوئی ج 14 ص 339. باختلاف یسیر.
    125. تفرّد. ورد فی
    126. و وضحت له سبیله و مناره. ورد فی دستور معالم الحكم ص 66 و 145. و منهاج البراعة ج 14 ص 339. باختلاف یسیر.
    127. ورد فی المصدرین السابقین.
    128. ورد فی منهاج البراعة للخوئی ج 14 ص 339.
    129. غشوات. ورد فی نسخة نصیری ص 34. و نسخة الآملی ص 57. و ورد عشاوات فی نسخة عبده ص 205 و نسخة الصالح ص 119.
    130. ورد فی منهاج البراعة للخوئی ج 14 ص 339.
    131. فتّاح. ورد فی المصدر السابق. و دستور معالم الحكم للقضاعی ص 66. و غرر الحكم للآمدی ج 2 ص 518.
    132. دافع. ورد فی المصدرین السابقین.
    133. یسمّی. ورد فی نسخة العام 400 ص 81. و هامش نسخة ابن المؤدب ص 58. و نسخة نصیری ص 34.
    134. حبال. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 81. و نسخة ابن المؤدب ص 58. و نسخة نصیری ص 34. و نسخة الآملی ص 57. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 85. و نسخة الأسترابادی ص 89.
    135. ورد فی دستور معالم الحكم ص 64. و تاریخ دمشق ( ترجمة الإمام علی بن أبی طالب ) ج 3 ص 269. و تذكرة الخواص ص 117. و كنز العمال ج 16 ص 202. و منهاج البراعة ج 14 ص 338. و نهج السعادة ج 3 ص 184. باختلاف بین المصادر.
    136. ورد فی الأمالی ص 696. و تذكرة الخواص ص 124. و كفایة الطالب ص 393. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 26. و نهج السعادة ج 3 ص 178. و 191. و مصباح البلاغة ج 2 ص 117 عن مجموعة ورّام. و نهج البلاغة الثانی ص 53.